دفنت نفسي بنفسي
دفنتُ نفسي بِنفسي
أُقسم إني لم أقتله
ولم أرى من قتله
فقط دفنته هناك في الأُفق ِالبعيد
في قبرٍ بِلا كفن
وأُقسم إني لا أعرفه
قال لي أحد الشيوخ :
هذا أخاك..!!
وأباه ُ أباك..!!
و من أُم ٍ لم تُنجب سِواك..
ويصر في القول
إن هذا البطل أخاك :
فحملت المجراف
وحفرت في الغسق
قبرا لأدفن فيه كل بطولاته ...
كل عشقه...
كل اسراره....
وجلست أُمعن النظر في هويته ِ
فهو يشبهني في كل شيء..!
في الصورة ...
وفي الإسم ...
وتاريخ الولادة ....
وطار بي الخيال
بعيدا ً
أراه في مهد ٍ خشبي قديم
تهزه عجوز ٌ
كأنها أُمي
وكلمات أغنيتها
ما زالت تُدغدِغ ُ ذاكِرتي
(دلوري لوري كُريمن لوري
دلوري لوري برخيمن لوري
باڤي ته كُشتن دايك بكوري .....)
ومر أمام ناظريَّ شريط سينمائي
طِفلٌ يداعِبُ القمر
ويركض وراء فراشة ٍ يلاعِبُها
وفي يده ِبيضةُ دجاجة َ
ذاهِبا الى الحانوت ليشتري القضامة
يضعها في فمعه ويمصمِصها بِلذة
ومن خرطومها الصغير يصنع بالونة
يرفعها للسماء
ويرقص ..
ويرقص ...
أراه بين طرقات حقول الزرع المتعرجة
وكِتاب ْ في يده
جالِساً على طاولة الإمتحانات
يأتي الى عاجوزه
مهلهِلاً نجحت يا أُماه
فتمسح شعره ِ بكبرياء
يناوله والده شريحة بطيخ ٍ أصفر
يلتهمها دفعة واحِدةً
أتذكر تلك الكلمات التي قالها له
والده :
في أول رحلة له إلى المدينة
أي بُني :
لا تُصاحب الجبان
وصديق ٍ يدعي الأخوة
ويطعنُك في الظهر
وصاحب أميناً
يُقاسِمك الهم في الشدائد
طِرّ مع الأفكار ما شئت
ولكن :
خُذ أطيبها وليست أجملها
ولاتُبهِرُك بألوانها ..!
رأيته يمشي ...
يهتف ....
يَخطُب....
يعزِف....
يرفع العلم ....
يُصافح....
يُقبِل .....
يفرح.....
يحزن .....
يُقتل .....
يتألم .....
حينها عرفت إني دفنت نفسي
في ذلك القبر البعيد
في اللغسق ِالمُميت
دون جنازة...
دون تشييع من أحد
ودون تلقين
دفنته في وطن ٍ منسي ٌ
بِلا عنوان ...!!
ويد ناعمة توقِظُني
إستيقظ لقد تأخرت عن العمل
بقلم Behcet Osman//بهجت عثمان //
تعليقات
إرسال تعليق