بجدار المنفى
بجدار المنفى
بين
الضجيج و الصمت
يملئني فراغ كبير
و ينقصني ألوان الآلهة
لن أعود
و لن أذهب
سأترك كتابات الليل
على حاله
حتى إذا عاد الغياب
اصتدمَ بجرحنا
هناك
فأنا لست سوى حجرٌ
بحلم من تشهى
موتي
أنا مبعثرٌ كأوراق الخريف
بمتاهات الدروب
و لا أنتمي لهذا الليل
الأزرق
عابرون كثر كتبوا على
جسدي
ما ورثوا من الوقت و أجادوا
بوجع الوتين
ثم مضوا بسفر الريح غرباء
كالغبار
كان كلامهم يهمس بإسمي
خلسةً هناك
و الوقت كان يرسمني طائراً
طليقاً بالمدى
الفراشة كانت تلعب فوق
صدري لعبة الأزهار
و الصبحُ كان هادئاً مع
الياسمين
فتبدل الزمان و تغير
المكان
فعلى الحالمين أن يرتبوا
مواكب أضريحتهم قبل
المساء
فالمساء يحتضن صمت
الأموات
تعبٌ أحقر يشدني لجدار
السقوط
فهل اكتمل بجسدي طقوس
الموت
أم مازال لدي من الوقت
ما يكفي لأموت
أكثر
يا أيها التمني كم مرةٍ
ستموت فينا
كم ستخذلنا صلوات
القدامى
فكلما بكوا علينا تنهدت
السماء حسرة
كانت هناك تركتها ورائي
تبكي
كان الوقت يذهب الغروب
الأشباح كانوا يجرون
طفلةٌ
مقتولة ورائهم و كانوا
يصرخون
و الملائكة كانت تسقطُ من
السماء محروقة واحدة
واحدة
كان الصمت معزولاً تماماً
و راسب
الدخان كان يخرج من جدار
بيتنا المهدوم
لم أقل وداعاّ لأمي قبل
أن تموت
و لم أكن مهياً بعد للهزيمة
الكبرى
و الشعراء لم يكتبوا شيئاً
عن جرحي
حينما اجتهدوا بالوحي
العاثر
أو ربما تركوا مهمة العناء
لي وحدي
لأكمل سيرة الأشعار من بعدهم
و أجهش بالكلمات
فكلما كتبتُ بجدار القصيدة
وصف شيئاً ما
بدأت القصيدة بالإنهيار
من قسوة الحرف
لا شيءٌ يكسرني في هذا
الغياب
لا شيء يحييني فجراً
لأحيا مع الشمس
كآبة الأمس بقيت تولدُ
بالأحزان
و العمر راح يهزي بفجر
السراب
حتى صور الذكريات
تلاشت هنا
فراحتْ الروح تعنُ محطمة
بذبحها
بجثةٍ فارغة ترنو بالبلاء
حتى القيامة
لأمي
قرأت وصيتي الأخيرة شعراً
من وجع الحياة
دون أن أسمع من الليل
صدى الحنين
ثم عدت إلى سريري
الحجري
بذات الجرح القديم و نمت
حجراً
فالبداية مثل النهاية بحلم
المقتول
لا شيء سيكسر هذا
الضباب
سوى دمعة الأم التي
فقدتْ
الأمل بعودة ولدها
الوحيد
فماتت أمام باب البيت
على الحجر
و هي تفتقرُ الحياة
و أنا متُ حجراً
بغياب .......... أمي
مصطفى محمد كبار
أبو إسماعيل
تعليقات
إرسال تعليق