إهداء إلى أن لاوند

إهداء ...
               إلى أم لاوند 
     التي تخرجتْ من نفس
            مدرسة الحب ..

آه ٍ ياأمي ....؟!.

عندما كنت صغيراً
كورد ٍ يتفتحُ
بين الإبتسامات ِ في صفاء ٍ و طهر ِ 

وكانت أمي تقص شعر رأسي
و كانت تقول لي ..
لديك هنا أرضٌ خصبةٌ 
ستأتي الفتيات 
لزراعتها بالزهر 
بإيماءة ٍ 
تشير بها 
إلى أرض صدري .

و كانت تلتف حولي 
بفرح ٍ كثرى الثلج 
و تضمُ بين ذراعيها رأسي 
و تمسح جبيني 
بيدين ناعمتين 
كَ .. ليف القمر 
كَ .. بتلات البنفسج .

وكانت تضمني لمقلتيها 
وتغطيني بشراشف هدبها 
و بعينين ملؤهما الحب 
وحين تنظر إليَ 
تغمضُ عيناً
و تفتح عيناً 
خوفاً
من أن أصاب بعين الحسد .

و كانت ترفع ذراعيَّ 
و تعلمني التحليق 
على شذى الفجر 
وتدس بأناملها
قبلةً صغيرةً في فمي 
فكنتُ أسألها 
ما الذي تفعلينه .. يا أمي 
فترد : 
لا تخف يا بني 
أنا ألملم شذى العطر
الذي يسقط على شفيتكَ
من خصلات الشعر .

و كانت تلمس بخدها صدري 
و تدندن على أوتار قلبي 
وتغني 
و تهز الإبتسامة على شفتي 
و تلعق الدمعة 
قبل أن تفجر 
ثقباً في طرف عيني .

و كانت تمسك كتفي 
و تشدُّ على عظم الترقوة
و تدعوا الملائكة 
لتحرسني 
في كل خطوة ٍ 
أخطوها في حياتي 
و تطلق 
رصاصات الأمل 
بين كلماتها المتواضعة 
و تنمو بين رمشي 
بالفرح المتوهج 

وكانت ترقص كالفراشات 
و تقتات من خبز الضوء
أشتات الحلم 
وتفرق شعرها من المنتصف 
و في الصباح 
تعطي خصلةً لأبي 
و خصلةً لي .

و كانت تمضي 
بلحن السعادة 
من شجرة ٍ 
إلى شجرة ٍ 
في الحقل 
و تسير كالشمس 
من ساقية ٍ 
إلى ساقية ٍ 
بظلِّ المآقي 
و تخبئ في قلبها عنا 
الكآبة و المآسي .

الله يسامحك .. يا أمي 
لِمَا سمحتي 
للزمن 
أن يكبر بي 
و أن يأخذك ِ مني 
و عيناي تروي للقمر ذكرياتنا 
و تبني على الفم ِ 
جدار الحزن . 

لِمَا سمحتي 
للجسد 
أن يعتاد على العناق 
و شفتايَ ظمأى 
لشهد الندى 
و أنفاسي لا ترويها 
إلا شذى النهد .

أي لحن ٍ أنت ِ يا أمي 
يطوي صداه 
كل ألمي 

أيُّ لون ٍ أنت ِ يا أمي 
أجدُ فيه 
كل ألوان الزهر 

أيُّ حبٍّ أنت ِ يا أمي 
ينمو 
في عمق ِ عمقي 
يقف 
كقاطف أزهار 
في بؤبؤ عيني
يطلقُ دمعةً 
كلما يسقط 
بتلةً مني .

بقلمي : عصمت مصطفى 
               أبو لاوند 
                سورية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سمفونية غرام

أحقا شبت يأحلى الشباب

خواطر أدبية. . . خيوط الشمس