لقد مرت من هنا

لقد مرت من هنا ……! 
لم انفعل لعمري كما انفعلت لساعتي القريبة هذه عندما مرت من هنا … 
لم انفعل لعمري كما انفعلت لساعتي القريبة هذه عندما مرت من هنا … 
مرت غاية قلبي مسرعة خجولة تدفع عربة إحمرارها أمامها ،  تتلطى وراءها لتخفي خدها الأرجواني تبسمت ، ثم هتف إلي إيهاب شعرها ،  أني تركت لك عبر الأثير شذرات أنفاسي الجنانية ، تركت لك فواح صدري يلاعب حرفك و يتحداه ، تركت لك عبقاً نزقاً لن تعرف كيف ستصفه ، تركت لك عطري في ظرف نور ، تركت لك وفداً صغيراً من أنوثتي مع ألف رسالة انتقام !! . 

لم انفعل لعمري كما انفعلت لساعتي القريبة هذه عندما مرت من هنا … لم تنظر إلي كثيراً ،  رمت أشياءها الأنثوية هكذا ، ثم ذيلت رميتها بكلام بارد النسائم من صدرها الثلجي . 
قالت : عرفتك شاعراً تحسن الوقوف على حبال التعبير و العبارات ، تحسن حصاد الغزل و الوصف ، تعرف طريدتك اللغوية فتصيديها بحرفية ما كانت إلا لقلائل و الآن فإنك تجد في هذه الأشياء مرود كحلي و ربطة شعري و الزر الأحمر الرابع من قميصي الصيفي فاكتب عنهم شعراً إن استطعت . 

لم انفعل لعمري كما انفعلت لساعتي القريبة هذه عندما مرت من هنا … ذهبت غير مسرعة نحو زحام الميثاء الحياتية ، كانت تتعمد إبطاء مشيتها حتى تستفز حلمي و أناتي ، تعطلت صورتها بين الزحمة ، ثم أنها تبددت ثم اختفت ثم تبخر أي أمل لدي برؤية طيفها . 
اختنقت كثيراً بعد ذهابها … اختنقت كثيراً بعد ذهابها ، حاولت أن أبسط الأمور ففشلت أغلقت مجموعات يدي و صرفت فكري عن ذلك التحدي فعجزت أطبقت أسناني على أسناني في إصرار الأطفال الأشقياء عندما يملؤون الدنيا صخباً فخارت قواي ، حاولت بشتى الوسائل أن استنقذ هيبتي شاعريتي فلم استطع … و أخيراً …و أخيراً قربت أشياءها من وجهي متفحصاً … يا ريح الدفء الذي سرى في ذاتي … يا ريح الدفء الذي سرى في ذاتي … … يا بلابلاً تعزف سنفونية غريبة في صدري قبل أذني … شممت أشياءها و كذا الهواء الذي أحاط بتلك الأشياء ، راقبت ظلهم ، تفرست في دقائقهم و بنيت قصوراً من أحلام أو أوهام سلبني هذا الأسر كل خطواتي تسمرت مكاني كصنم عتيق ، كعمود أثري . 
هل أدور حول الدنيا ؟ أم الدنيا تدور من حولي ؟ لماذا تنطق عيون الناس بحسدي و أنا أحوز تلك الأشياء ؟ لماذا أبدو غريباً في عيون البعض ؟ من أنا ؟ أين أنا ؟ … من أنا ؟ أين أنا ؟ 
كان هذا صراخي أمام حشدهم ، ليأتي الجواب منهم … … لقد مرت من هنا … لقد مرت من هنا .

بقلمي أحمد يمان قباني

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خواطر أدبية

خلف الجدار

خواطر أدبية. . . خيوط الشمس