أنها قريتي . . جويق
إنها قريتي .. جويق
إنها قريتي ..
زيتونةٌ خرجتْ من سجنها المؤبد
أولعتْ في الفؤاد ِ نارهها المؤجج
عصرتْ الحزن من خدها الأحمر
علقتْ خوذتها على الجذع السامق
و غصتْ في الألم المدجج
إنها قريتي ..
لا تسمح للشمس أن تمر بلا فرح ٍ
بين الجفون
و لا للدمع أن يحطم العيون
و لا للفرس الخؤون
أن ينام بهناء ٍ بين الشجون
و لا للقمر أن يمضي
قبل أن ينثر على قبور أبناءها
أزهار الزيتون
إنها قريتي ..
تنصت إلى أوجاعها
تصهر الشوق في وديانها
تصمت الأرياح
تجمع ما تبقى من الجراح
تفتح على وهج النار أبواب الصباح
تحيِّ على الصلاح
تحيِّ على الفلاح
و تسأل عشاقها
كيف لهم أن يرحلوا
و يتركوا قلوبهم مصلوبة
على الصخر ..؟!.
إنها قريتي ..
زادُ عينيها أنفاسُ الكواسر
زفراتُ بستان الزهر الناضر
قطراتُ السحاب القرمزي الضاجر
دمُ المسافر
عشق الممتحن الصابر
زادُ فمها
لهيبُ النار الساعر
كأسُ النبيذ من عصير القبل ، غصَّ في سعيرها الشعاع الساحر
صراخٌ يقولُ للصراخ ِ
ويح للصمت صوتٌ
يمزقُ جلمود القلب ِ في المحاجر
إنها قريتي ..
و تلك غابة الزيتون
و ذاك نبع عين ديبة في عروقها الزرق يثرثر الماء و الهواء و الطير
و هذه رياح تفضح سرها للعشب و الزهر
و تكشف لسنابل القمح
كل ما نجهل
عن أحاديث الصفصاف و الحور و النهر
و هذا ساحٌ بساحي يسفكُ ، يسفح ، يسيح
يسحب الشمس من أذنيها
و يسألها :
أين أضعت دمك الأحمر ..؟
إنها قريتي ..
فتاة كرديةٌ
لم تصهر بين شفتيها
كل رحيق الزهر
لم تعصر بين رضابها
كل الثمر
لم تجفف في جراحها
كل الدم الأحمر
فتاةٌ ريفيةٌ
آوت للعش تجز القبل من فم الزيتون
مزاق مراشفها سلسبيلٌ عذبٌ
من الغصن المكسور ..
فتاةٌ عفرينية ..
ماذا لو .. تكلمت ..؟
و قالتْ :
كيف طافتْ بدمعها على الجسور ..؟!
كيف وصلت بدمها القانئ
إلى خلف البحور ..؟!
إنها قريتي ..
بعد أن هرأتْ تحت طعنات الغدر
بعد أن أولعتْ في القلب كل نيران الدهر
بعد أن غنتْ لها كل السحب أغاني المطر
بعد
أن
صلبتْ
الأحزان
على
الصخر
بعد أن شدتْ وثاق الألم و الخوف و القلق على الخصر
بعد أن ..
بعد أن ..
بعد أن كسرتْ كل أغصانها
و أطعمتْ كل وريقاتها
...... للجمر
بعد أن مزقتْ على صدرها كل قصائد الشعر .
بقلمي : عصمت مصطفى
أبو لاوند
تعليقات
إرسال تعليق