لا مس صدرها دمي

لامسَ صدرَها دمي 
فاشتدَّ
و كقصبِ اللَّحظةِ انتصبَ
شاهراً سُكرَهُ لوردةِ السَّماءِ الحارَّةِ ..
لامسَ قلبي حوافَّ إبرتِها 
فانكسرَ
و حينَ صحوتُ
أدركَني الشَّـبَـهُ
و وجدتُ ألَّا شيءَ فيها يُشبِهُها
سوى اسمَها كانَ راما
المرأةُ الصغيرةُ
التي تُسطِّرُ أيَّامي بيدٍ من نخيلٍ
و تودِّعُ حضوري بيومَينِ
كانَ لشفتَيها كرزٌ منْ غابةِ الـلّٰـهِ 
التي لا تراها الأيدي و لا يلمسُها الجسدُ
سارَتْ بِحاري إلى مركبتِها
و باسم الضَّوءِ البعيدِ اعتقلَتْني
لم أتحدَّثْ إليها عنْ امرأةٍ أخرى
تشبهُها
و لم تُحدِّثْني عنْ سنونواتِ صدرِها الراحلةِ إليَّ
كانَ آخرُ أيَّامي يدخُلُها
فتدخُلُها بقدمَينِ منْ عاجٍ
لا تهبطُ السُّلَّمَ الرُّخاميَ كعادتي لِأراها
و لا تُشعلُ أيَّامي انتِهاكاً
يهدرُ على حوافِّ أسئلتِها ..
وردةً تشمخُ لها السَّماءُ
تصعدُ إليها الأرضُ
وردةً
لا تمسُّها .. إلَّا أصابعُ من مطرٍ
و لا يشمُّها .. إلَّا جسدٌ من ضوءٍ
لم أنَمْ
كي أصحوَ على حضورِها
و لم أفتحْ لها غاباتي
كي تدخلَ بظِلالِ أشجارِها
و تصلبَني كخريفٍ طالَ شرودُهُ في السُّقوطِ
كنتُ لا أزالَ جنيناً يخضبُ في الدَّمِ
و حُزناً يُنكِّسُ راياتِهِ
كنتُ أشمُّ رائحةَ ثمارِها
فأنتعشُ
أسردُ لها خَرافةَ الضَّوءِ
و أتذكَّرُ عنها أيَّامي
و منْ أيِّ السُّلالاتِ جئتُ ..
" القصفُ السَّامُّ كانَ يحشو مُدُنَنا في عُلبةِ كبريتٍ تحوي عودَ ثقابٍ واحداً ، فاشتعلْنا و لم نَمُتْ ، النَّملُ الزَّاحفُ كانَ يُحرِّضُنا على العبورِ ، فعبَرْنا إلى الجبالِ ، جبالِنا التي كانَتْ تطيرُ ، كنَّا بينَ أجنحتِها سُـلالةً خذلَها الله حينَ جاءَ بنا .
ليسَتْ لدينا أظافرُ طويلةٌ
كي تحُدَّ الإســــــمنتَ الذي سلَّحوهُ فينا .. 
مُدُنُنا تركضُ تحتَ القصفِ ..
و أنا أتذكَّرُ صديقي الشَّاعرَ الحزينَ
و هوَ يقولُ لنسرينَ :
" أُحبُّكِ
يُناديني القصفُ ...
و الطَّائراتُ تُعلِّمُ وجهي درسَ الغيابِ
و أنا في حِصَّةِ الـلّٰـهِ .. سأحبُّكِ "
تضحكُ نسرينُ
و هيَ تزهرُ في رِئَـةِ السُّـمِّ
تزهرُ كشعبٍ ليسَ من عاداتِهِ أنْ يموتَ
شعبٌ إذا أدخلَهُ القرآنُ آياته
قالَ : كُنْ - فيكونُ ..
ليسَتْ لغاباتِنا مَخارجُ
قمحُنا يُولَدُ إلى جِوارِ الخَردلِ
أبوابُنا مفتوحةٌ لكُلِّ الصَّواعقِ
عُشَّـاقُنا في حِصَّةِ الـلّٰـهِ يتبادلونَ الرَّسائلَ
أيَّامُنا تجيءُ من شمسٍ تُشرِقُ منَ الشَّمالِ
و تركُضُ في قمرِ الجنوبِ
أسماؤُنا لأشيائِنا ليسَتْ ضحايا
سهرُنا وردٌ 
و ليلُنا إنْ طالَ سيجيءُ النَّهارُ 
من طرفِ ثوبِ امرأةٍ صغيرةٍ ، تعرفُ كيفَ تُطرِّزُ عينَيها لمكوثٍ طويلٍ .."
أجلْ لمْ أَنَمْ
كي أصحوَ على حُضورِها
وردةُ الأبعادِ
تُوزِّعُ قامتَها في دمي
و تُشطِرُني نصفَينِ
غَيمةً و غَيمةً
جَبلاً و جَبلاً
أشربُ قهوتي
و أعتادُ للمُرَّةَ البرد
الدُّخولُ لأيَّامي فاشتعل
أشتعلُ جزيرةً لبحرٍ
لا يضبطُ مُلوحتَهُ على ساعةِ لقائي بها ..
أعترفُ أنَّني تقصَّدْتُ
أنْ أُقدِّمَ لها دفترَ اعترافاتي
و لم أتنكَّرْ بوجهٍ منْ غُبارٍ
أعترفُ أنَّ غاباتِها الخضراءَ ستتَّسِعُ لانكساراتي في
المرأةِ التي كانَ اسمُها راما ..
و أعترفُ أنَّ هذا اليومَ قد طالَ ، يتَّسعُ ، و يمتدُّ ببوحِـهِ إليَّ
النهرُ الذي رحلَ سيعودُ
و أُجفِّفُ مكانَهُ
كي ينبتَ مكاني التفاتةٌ ..
هذا اليومُ
هوَ الذي حدَّثَني و قالَ :
يا سيِّداً
دعتْهُ هزائمُهُ إلى عرشِ الملكيَّةِ
يا سيِّداً
جرحَـتْهُ الغاباتُ
فتعشَّبَتْ عندَ الكَتِفِ وردةٌ زرقاءُ
يا سيِّداً هل رأيتَ
و أدركتَ أنَّ القصيدةَ لنْ تكتملَ ؟ 
البارودُ .. 
رحلةٌ إلى النِّسيانِ
الطَّلقةُ ..
ذاكرةٌ لزهرةِ المدينةِ
الرِّحلةُ
ما زالَتْ إليكِ ماضيةً
ما زالَتْ إليكِ ماضيةً
ما زالَتْ إليكِ ماضيةً 

مروان خورشيد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سمفونية غرام

أحقا شبت يأحلى الشباب

خواطر أدبية. . . خيوط الشمس