الدرس
" الدرس "
قصة *
بقلم الكاتبة الروائية
أمل شيخموس// سوريا
💥🌋
نصف ساعة من حرقة الدم نسوة دفعن الباب وَلَجْنَ المنزل دون استئذان تجوّلنَ غرفَ المنزل جميعِها تفاجأت هي و خالتها بهذه النسوة كيف . . ! دون رادعٍ أو حشمة أو ضمير ، حيث كانتا خارج المنزل في جولة تُطلعها الخالة على المعالم السياحية في المنطقة من جبالٍ ملونة شدت انتباهها و أفرحتها ، كانت الأمور طبيعية في غاية الهدوء و المرح و الود ، البيت مرتب إلا أنه بمثول تلك النسوة اللواتي لم يمتلكنّ أدنى إتيكيت آداب الزيارة هكذا دون إستئذان ! اصطدمتا بنسوة يتجولن في المنزل و لم يدعن له سرّاً و لا غطاءً ! ! امتقعتا من هذا المشهد و كأنَّ سيارة ما دهستهما إذ كانتا في صدمة تامة لم تنبسا بحرف ! إذ بِهنَّ يحملن قطعاً من الثياب الجاهزة إذ أن خالتها تعمل خياطة كي تقصر من طول تلك الأثواب ، ابتلعتا الموقف غصباً أو أجبرتا ذاتهما على ذلك ، إذ كان مشهداً مربكاً للغاية الأطفال تدحرجوا كالكرات في الملعب و كأنهم فريق كرة القدم بدأوا بالهتاف و تسلق الجدران و فتح باب الثلاجة ! انبطحن على الأرض فردن تلك الأثواب و بدأن بقياسها و قص مالايلزم . . الخالة مصدومة مما ترى و التي تباريها صدمة ابنة الأخت والتي كأن إنفجاراً قد تم في داخلها ، إذ أنَّها كثيراً ما تجتهد لعدم الصراخ بهنَّ و كأنَّ الأبقار فلتت من . . هنا ليرعوا و يمرحوا بأريحية . . بدأت ابنة الأخت بالإنفجار حيث تصاعد الدخان الحار الكثيف من أذنيها ! لم تعد تحتمل بالأخص أن الخالة بدت متوترة للغاية لم تعد تركّز القُنَّبيطَ الأبيض كما الثلج غدا أسودَ كأنه مسموم غزتهُ البقع ربما هو أيضاً على وشك الإنفجار حيث تدحرج من بين أصابع الخياطة التي تتحمل الهوان لكسب بعض الدريهمات . . حسبنا الله ونعم الوكيل و هي تبتلع الظلم و الزور مع ريقها بصعوبة مُكرِهَةً ذاتها على ابتلاع الإهانة غدا حلقها " زورها " كما الخشب لا يستجيب لوعورة الموقف الذي لا يمكن بلعهُ . . مشاهد ساخنة . . حتى الوحوش البرية لا يمكنها التجول بحرية تلك الأقفاص تلجم . . وتحد من خطورتها على زوارها إذ إنه لابد من الإنضباط لضمان سلامة الناس و الأطفال . . بيد أنهُ لم يكن ثمة مايردعهنَّ من احساس بالآخر أو احترام خصوصيته بل كنّ على حريتهنّ . . في الأدغال الإفريقية ! شد ما حاولت امتلاك زمامها من الغضب وعدم إظهاره لعدم منع رزق الخالة أيضاً مراعاةً لشعور الوحوش البرية المنفلتة من أقفاص بيوتها للتنفيس هنا و كأنَّ بيت الخياطة ليس كبيوتهن يلزمه الهدوء و الاحترام و أخيراً انفجرت بأقصى قوة و قد احمرَّ محياها كالبركان لقنتهن درساً لن ينسوه و أمعنت في تهذيبهن من خلال تلك المواجهة التي حسبتها ستؤذي مشاعرهم ربما أو ينتفضوا أو يفروا منكصين على أعقابهنَّ مخلفين تلك الأثواب مع سحابة ساخنة من الغبار ! ! يا للأسف تضاحكنَّ و اعتبرنَّ الأمر فكاهة أو هكذا استسغنه كي يستكملنَّ اللهو في بيت الخياطة التي تجني منهم الأموال و كأنَّهُ ليس عرق جبينها ! التهبت أكثر و أخذت تلقنهن الدروس أكثر في احترام حقوق الآخرين رغم أنها من النوع الشفيف الذي يشعر بالآخرين بيد أنها تعشقُ حقوق الإنسان أيضاً و تمقتُ العدوان كما تتحول إلى وحش حينما يتطلب الأمر الدفاع عن النفس أو حق المستضعف ، استدارت إلى الخالة التي هي في حالة صدمة و شفاء للغليل مما قامت به ابنة الأخت إزاء الضواري المنفلتة التي ما فتأت عن إيذائها و اليوم يدفعنّ الثمن إنهن نسوة الجيران و قد اقتلعن عينيها باستهتارهنَّ لأنهن على يقين أنها لن تدافع عن ذاتها في سبيل لقمة العيش أيضاً لشدة خجلها ، إذ أن الضعيف يدهس في مجتمع الغاب إن لم تكن ذئباً أكلتك الذئابُ نظرت إلى خالتها بابتسامة نصر و أنهنَّ يستحقنّ كل هذا بينما النسوة تجمدنَّ في أمكنتهنّ الأمر لم يكن مزاحاً فقد تعرّضنَّ لقصفٍ مستحق . . ! التفتن إلى بعضهن ارتابت ابنة الأخت في أعماقها و قد انتابها شيء من الخوف لم تبده على محياها لتبقى في مظهر الثبات ذلك ، فقد كنّ كالضواري ذوات قوة بيد أنهن لم يتجرأن و الحمد لله أن هيبتها تمكنت منهن و بثت فيهن الصمت و الرعب إذ إنسحبنّ الواحدة تتبع الأخرى مع اطفالهنّ الجبناء دون أمهاتهن الذين . . المنزل و كأنه منكوب من آثار الحرب . . ربتتتا على كتفي بعضهما الخالة و ابنة أختها و هما عند الباب ينظرن إليهنّ كيف انسحبن كالخلية وراء بعضهنّ يسترقن النظر إلى الخلف و يستدرن بين الفينة و الأخرى كلما تقدمن خطوات للأمام من هول الصدمة المرة الأولى يقفُ أحد لهن بالمرصاد في بيت الخياطة ، بينما هنّ هكذا اصطدمنّ برجلٍ عجوز مقطوع الساق على عكّازه من حديد يتّكئ ، و يبدو أنهن اكتسبن القوة بوجود العجوز ذي الشعر الأشيب فقد تقدمت إحداهن بعد أن إلتفتن جميعاً للخلف لإسترداد كرامتهنّ ورد اعتبارهنّ من الخياطة . . بيد أنها تراجعت ! ربما رنين الخوف في أعماقها و أذنيها تلك الكلمات ترن ، فالدخان المتصاعد من ابنة الأخت لايمكن الإستهانة به . . تقدم العجوز و بخطواتٍ مرتجفة لعدم توازنه بساقٍ واحدة و إتكاءه على العكاز ، بيد أنه كان مصمماً على رد اعتبارهن . . لن يخذل قريبته التي اشتكت إليه مستضعفة تبكي . . ! تقدم العجوز رافعاً العكازة في الهواء هابطاً بها على ساق ابنة الأخت المجرمة في نظره و التي تحتاج إلى التأديب هوى مصطدماً بها بعظمة الركبة التي أصدرت صوتاً من شدة قوتها أحدثت ألماً كالنار . . بيد أنها لم تقاوم و لم تنبس ! مضى العجوز في طريقه دون أن يلتفت إلى ما يمكن أن تقوله ! بيد انها تبعتهُ فهو رجل عجوز و لن تقوم بأمرٍ قد يؤذيه أو يخل بالأدب ، لكنها مرغمة على توضيح ما حدث كيلا يحتفظ بصورة خاطئة عنها في مخيلته . . نادته من بين الرجال بأدب و بعد أن فهم العجوز راح يطأطئُ رأسه خجلاً منها . . .
الكاتبة الروائية
تعليقات
إرسال تعليق