إلاستقالة

الإستقالة ْ
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوي )
قصيدة \ الإستقالة ْ \
من قصائد : شاعر القصيدة العربية \ جمال الشرقاوي \

 
قررتُ
أن أستقيلُ من دولةِ الحبِّ
و أعيشُ فى ثوبٍ جديدْ
هذه استقالتي
قدمتُها
مَدْمُوغَة ً بإمضائي الوحيدْ
قدمتُها يا أميرتي الريفيَّةِ
و رميتُكِ خَلفِي
قلباً شريدْ

قررتُ
و انتهىَ الامرَ يا سيدتى
فلستُ عَبْدَاً و لا عِرْبيدْ
الاستقالة َ قدمتُها
فقضيَ  الامرَ
فالشاعرُ أبَدَاً لنْ يعودْ

فالحبَ صارَ بدْعَة ً
أُكذوبة ً كُبرَىَ
و نحنُ مُصَابُونَ بالدِّوَارِ
و التخلفِ و الجِمُودْ

أسفُ يا ملاكي
كنتُ بغيبوبةِ الحبِّ أسْعَىَ
و الأجْرَ كانَ زهِيدْ
كنتُ بفتنةِ العشقِ أسْعَىَ
و كنتُ في سِجْنِكِ يا سيدتي
مُكَبَّلَاً بينَ النارِ و الحديدْ
فَصَحِيتُ
فرأيتُ الملاكَ
يَكْسِرُ تعاليمَ الشيخَ
و يحترفُ القفزُ فوقَ الحواجزِ و الحِدودْ

عَرِفتُ أني قذفتُ بنفسي  في النارِ
مُنْتَحِرٌ و ليس شهيدْ
و  الأرْبَعِينُ تَلُومُنِي
فالملاكُ باعَ نفسَهُ للهوىَ
و التعليمِ الجَامِعِيِّ 
أضْحَىَ حُجَّة ً لِكَسْرِ القِيُودْ

الإستقالة َ قدَّمْتُهَا
يا سيدتي طائِعٌ مُخْتارْ
و حتىَ لو عَادَ الملاكُ
فلنْ أعودُ في القرارْ

لا تبكِ يا ملاكي
قدَّمتُ استقالتي و انتهىَ الأمْرْ
و مَزَّقْتُ أورَاقي في وَضَحِ النهارْ
مَزَّقْتُ شَكّيِ   فَورَ اليقينْ
فَوَدَّعْتُ عُقْدَةَ أودِيبَ القديمة ْ
غَيَّرتُ المَسَارْ
و هَجَرتُ مَدِينَتِكِ التي كنتُ أظُنُّهَا فاضلة ْ
مَمْلؤَةُ بالعناكبِ  و العقاربِ و الدَمَارْ
و رَمَيتُ خلفي عَصْرِ الحُلمِ
و الحبِ و الشوقِ و الدمعِ و الانهيارْ

يا أنتِ
يا طفلة ً تلهُوُ ببراءةٍ
تحتِ أشجارِ النخيلِ
بقُرْبِ الجَدَارْ
لنبقىَ قريبينِ 
لنبقىَ صديقينِ
نبقىَ بينَ الناسِ بِطولِ النهارْ
لنبقىَ أي شىءْ
فإني عندما أكرهُ
عندما تثورُ كرامتي
أكرهُ الهزيمةِ و التَوَلِّي و الفِرَارْ

آِنسَتِي
قَتَلْتُكِ بداخلي سريعاً
مِنْ أجْلِ معنىَ توَلَّىَ كالقطارْ
و وَدَّعْتُ كُلُّ حَرْفٍ عنكِ كتبتُ
نَفَضْتُ عَنْ أرْبَعِينَ شَمْعَةٍ
أيِّ ذرةٍ مِنْ غُبَارْ

و وَدَّعْتُكِ و اسْتَقَلْتُ
عَفَفْتُ نفسي عَنْ أي مُنَافَسَةٍ مَعَ الأخَرِ
و الفكرِ و السهرِ و بكاءِ الدِّيَارْ
فإنِّي كبيرُ يا طفلتي
و الكبيرُ
ليس لديهِ وقتُ لألاعيبِ الصِغَارْ

فانِّي راحلُ غداً
بعدما رَمَيتُ عنْ كَتِفِي
حِمْلَاً ثقيلْ
سَأرْحَلُ مِنْ جُمْهُوريَّةِ الحبِّ يا سيدتي
أعْلُم أنِّي ليس لى بديلْ
سَحَبْتُ أشواقي
 و أوراقَ اعْتِمَادِي
و أنهيتُ مُدَّةَ حُبِّي
قبلُ أنْ يَدْفَعَنِي   صغيرتي
الأملُ الطويلْ

صغيرتي
أعلمُ جيداً بأنكِ غريرة ً
و أعلمُ
أنَّ الأخَرَ الذي يَتَسَلَّىَ بكِ أُفْعُوَانْ
و أعلمُ جيداً يا صديقتي الصغيرةِ
ستعودينَ يوماً منْ وَهْمِ الحبِّ
مهزومة ً مكسورة ً
مثلِ أيّ بهلوانْ

أعلمُ جيداً بأنكِ
سوفَ تشتكينَ لأيِّ مخلوقٍ
و سوف تتهمينَ الزمانَ و المكانْ
و أعلمُ علمَ اليقينْ
أنَّ لا أحداً بعدي يملأُ فراغي
و لا أحداً يعرفُ الطريقَ و العنوانْ
أعلمُ أنهُ سيهربَ لا مَحَالة َ
و سَتَكْتُبينَ لهُ رسائلَ التَرَجِّي
و تُطْلِقِينَ للجُرْحِ العَنَانْ
فلا يَهِمُّنِي كُلُ هذا
المهمُ يا سيدتي
أنِّي قدمتُ استقالتي
و فاتَ الأوانْ

كتبت هذه القصيدة فى الشرقية - يونية - الجمعة
3 - 6 - 2005 م الساعة 7 مساءً
أسد الشعر العربي ( جمال الشرقاوى )  كاتب و شاعر و باحث \

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خواطر أدبية

خلف الجدار

خواطر أدبية. . . خيوط الشمس