الحاجز
الحاجز ... ( أربع قصص قصيرة ) :
الحاجز .. (قصة .. 1 ) :
الحاجز الأول ...
العنصر الذي فتش الحقائب كان قنوعاً ، رضيَ بمطربان زيتون ، وحبل تين يابس
، ورمانتين من رمان باسوطة ، كنتُ قد خبأتهم لأطفالي في الحقيبة بين الثياب .
وما آلمني كثيراً ولفت انتباهي ، لوحة المدرسة التي رأيتها على الحاجز ..
مُسِحَتْ اللوحة بالدهان وتركتْ كلمة مدرسة ..وكتب بجوارها الله أكبر
فسأل احد الركاب : هل سمعتم يا شباب
بمدرسة اسمها الله أكبر ..؟!.
وانطلقتْ الحافلة ، وقطعتْ كل الحواجز و عند الحاجز الرابع عشر والأخير .. أفرغوا لنا كل الجياب ، و حتى أنهم خلعوا لنا بعض الثياب ، وشعرتُ بقلبي يعمل ببطء ٍ شديد ٍ على وشك أن يسقط بين أحذية الركاب ، و عند كل حاجز كانت تغمرنا السعادة عندما كنا نسمع .. هيا أنقلعوا يا كلاب ..
و أخيراً وصلت إلى بيتي ، و في جسدي ألمٌ يمزق الألباب ، و في عينيِّ حزنٌ يدحرُ الغياب ..
--------------------------------
الحاجز .. (قصة .. 2 ) :
وصلتْ الحافلة إلى عند الحاجز ، و نسيتُ أن أضع الجوال على وضعية الصامتْ ، فرن الهاتف .. و كنت قد أخترتُ نغمة ..( يا بنت السلطان حني على الغلبان ) .. و لم أجرأ أن أرد عليها ..
فقال العنصر : ردّْ ، و لكن .. بعد أن تفتح السبيكر .
فسمعَ صوت إمرأتي تقول : يا حبي .. إلى أين وصلتْ ..؟!
و هنا قامتْ القيامة و لم تقعد
و صرخ فيني : يا كافر .. يا زنديق .. يا عاهر ..
لماذا ، لم تقل لك السلام عليكم و قالتْ : يا حبي ..؟!
و استولى على الجهاز ، و هنا علمتُ أن كلمة حبي التي كنا نتداولها بيننا بسهولة و في كل الأوقات ، كلفتني جوالي ..؟.
-------------------------------
الحاجز .. (قصة .. 3 ) :
إن المسافة بين عفرين و حلب هي حوالي / 60 / كم و كانت الحافلة تقلنا خلال ساعة و ربع الساعة عند أبعد تقدير
و لكن بعد أن عجّتْ بالحواجز ، أصبحنا نصل خلال/ 14 / ساعة على أقل تقدير
و هنا .. لا أتحمل كل هذا الزمن بدون أن أدخن ، فأخذتُ الأذن من السائق و الركاب و فتحتُ النافذة ، و كفرتُ و أشعلتُ سيجارة ، و لمحني الحاجز على بعد مئات الأمتار و أنا أدخن ..
و عندما وصلنا إلى الحاجز ..
سأل العنصر : من الكافر الذي كان يشرك بالله و يدخن .. فوقفتْ أنفاسي في حلقي ، و تلمستُ عنقي ..و بيني و بين نفسي قلتُ : طار رأسي ، و مسكتُ بكل قوة ٍ عنقي ، و قلتُ : بصوت مبحوح .. ميت .. أنا كنتُ أدخن ..
و في لمح البصر وجدتُ جسدي خارج الحافلة .. (كول يا حمار من اللكمات و الرفسات إذا بتتحمل ) ..
و رموني في داخل الحافلة ، شبه ميت
و قال العنصر : كالعادة ..
أنقلعوا يا كلاب .. و هنا غمرتنا السعادة
الحمد لله .. نجونا ..
--------------------------------
الحاجز .. (قصة .. 4) :
وصلنا إلى الحاجز ، و بدأ أحد عناصر الحاجز يتسلى بنا .. فسألَ :
مَنْ منكمْ موالي ..؟
- لم يرد أحد ..
و سأل مرةً أخرى :
مَنْ منكمْ معارض ..؟
- أيضاً ، لم يرد أحد ..
فصرخ : أصبح أنتم من الشعب .. يا كلاب
و قال : كالعادة
أنقلعوا يا كلاب .. و غمرتنا السعادة
لأننا نجونا مرةً أخرى بأعجوبة ..
بقلمي : عصمت مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق