مناجاة العاشقين

مُناجاةُ العاشِقَيْنِ

إنَّهُ الصَّمتُ ...
إنَّهُ الصَّمتُ الذي يخيِّمُ في كُلِّ مكانٍ
حتَّى أرجأ القصيدةَ
حيثُ تُقرَعُ أجراسُ الحِدادِ
وسوادُ الألوانِ يُغطِّي السماءَ 
حيثُ توقَّفَ النبضُ 
ويبسَتِ الأزهارُ 
حيثُ لا معنى لشيءٍ بعدَ الآنَ 
لا للكلمةِ و لا للقصيدةِ 
إنَّهُ فظاعةُ الآلامِ ...
🌹   🌹   🌹
قال لها: 
ربَّما خسرتُ بعضاً من ملامحي 
حتى جزءاً من ضحكتي 
حينَها كانَ الغُروبُ 
تشتعلُ كُلُّ مواقدِ العشقِ 
وعلى طريق الانتِظارِ  تشتعلُ كُلُّ المشاعرِ
🌹   🌹   🌹
قالتْ لهُ : لقد خسرتُ بسمتي
 قبلَ أنْ يكتمِلَ القمرُ
وهاجَتِ النجومُ
بحثاً عن تلكَ البسمةِ
التي تُخبِّئُ خلفَها كُلَّ الأحزانِ
🌹   🌹   🌹
قالَ لها: 
إنَّهُ قدرُ القلوبِ الطيِّبةِ
تَضِلُّ كطفلٍ يتيمٍ
يبحثُ عنِ الحنانِ في أحضانِ أمِّهِ
🌹   🌹   🌹
قالتْ لهُ : 
نعم .. إنَّهُ القدرُ الحادِّ كالسكِّينِ
يَضِلُّ و يقطعُ القلوبَ الطيِّبةَ بلا رحمةٍ
فنعيشُ بنزفٍ يغطِّي على عُمرِنا
🌹   🌹   🌹
قالَ لها : 
أينَ أنتِ يا حضناً يحويني 
كنتِ كطفلٍ يعبِّرُ عنْ فرحتهِ
يلهو و يلعبُ و لا يتعبُ
لِمَ رحلتِ ...؟
🌹   🌹   🌹
قالَ : و أصبحَ خيالُكِ يملأ الأماكنَ والطرقاتِ ؟ 
لقد خبَّأتِني خلفَ أوراقِ الشجرِ كي تُخفي عنِّي ضعفَكِ
ولكن تتباهينَ بقوةٍ و بجسدٍ شامخٍ
ولكن في داخلكِ انهيارٌ
🌹   🌹   🌹
وقالتْ لهُ :ها قد أصبحَتْ أرواحُنا
تطاردُ ألوانَ الدخَّانِ
والبسمةَ على الشفتَيْنِ أنهارَتْ
وتنتهي السعادةُ والفرحُ
كما الدخَّانُ يصبحُ ذكرى
ويتركُ أثراً في الكبدِ
وتبدأ خلفَها مُفاجأةٌ
يَضِلُّ القدرُ و يلعبُ بنا 
ونجهلُ خباياهُ دائماً 
🌹   🌹   🌹
قالَ لها :
 لِمَ ترحلينَ باكراً ؟
كم كنتُ مشتاقاً لدفءِ الأحضانِ .. !
و النومِ على دقَّاتِ قلبِكِ ... 
التي تصبحُ سمفونيةَ عشقٍ
يُولَدُ على همساتِ الزُّهورِ
و لكنْ كنتُ أخافُ منكِ
وخوفي أن أُهزَمَ و ينتصرَ الشوقُ 
ذلكَ الشوقُ الذي أتعبَني طولَ الليالي 
🌹   🌹   🌹
وقالَ لها: 
كم أريدُ أن أصرخَ بأعلا صوتي .. ! 
مُشتاقٌ إليكِ ، لا ترحلي
و الآنَ لا أعرفُ ماذا أقولُ ؟
🌹   🌹   🌹
قالتْ لهُ :
 لقد شُلَّتْ أناملي وقلمي
و تبعثرَتْ أحرفي و تاهَتْ كلماتي
و حبستُ أنفاسي بشدَّةٍ ..
والصَّمتُ كادَ يخنقني
بعدَها سمعتُكَ تُنادينَ 
 اِنتظري لا ترحلي ...
فأنا أنتظركِ غداً عندَ النبعِ
و بعد غدٍ و بعدهُ سأبقى معكِ حتى الموتِ 
فلا ترحلي ...
أعلِني عليَّ الحربَ والحُكمَ المؤبَّدَ ...
إنَّ رحلتي ..
🌹   🌹   🌹
قالتْ لهُ :
وهيَ تتألَّمُ بصمتٍ 
فنطقتُ الحُكمَ 
سأرحلُ غداً عندَ الفجرِ
🌹  🌹   🌹
وقالتْ لهُ :
 منذُ لحظةِ النُّطقِ بالحكمِ
 أحسستُ أنِّي طعنْتُ قلبي قبلَ أنْ أطعنَكَ 
وحتى الآنَ لم يتوقَّفْ نزفُ القلبِ
فماذا أفعلُ بقلبي المجنونِ 
و أنتَ الذي تُلملِمُ شَتاتي و آهاتي و كُلَّ جُنوني
🌹   🌹   🌹 
وقالَ لها : وماذا بعدُ ...؟
و الآنَ حالةُ الصمتِ غطَّتْ على جُنونِنا
و يثورُ بداخلنا الشوقُ بذُهولٍ و عُنفوانٍ
يغلي كما البُركانُ
إنَّهُ الإدمانُ ...

✍️ سَــلـمـى الـيُـوسُـف

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خواطر أدبية

خلف الجدار

خواطر أدبية. . . خيوط الشمس