خارج السرب

" خارج السرب "
     قصة*
بقلم الكاتبة الروائية
 أمل شيخموس // سوريا
                         🌸☁️☁️☁️☁️☁️
في طاقة رائعة بين الغيوم أضحكُ , أمرح , أداعبُ ، منزلي بين الغيوم أتذكرُ أنني كنت في رحلة إلى القمر عبر القطار حطَّ رحالهُ في محطة القمر ، و أنا من السبَّاقين من بين الركاب أجري في رحابه بفرح النصر والنشوة مرتديةً زيَّ ورودٍ ملونة فاقعة
سعيدةً مبتسمة القلب بريئة كما فراشات الجنة نعم كان جواً فردوسيِّاً حالماً أجري بكل طاقتي كما الغزلان ، كما الأبطال وقت النصر في مسابقة الجري طاقة رهيبة تعتريني و فرح غامر مضيء , أمي عبر الغيوم تنظرُ إليَّ بدهشة !! عدم تصديق لتلك المشاهد التي خلدتها تلك الكاميرات النورانية في الذاكرة . . حيثُ باتت ترمُقني بعين الاستغراب أنَّ ابنتها رغم ما واجهته من صعوبات باتت فنانة في كسح التحديات والتغلب عليها ببراعة غدت راقصة بالية تدعو للإعجاب على جدران المستحيل ترقص بإصبعين أو إصبعٍ واحدٍ أيضاً ، ولو في الخيال لم تكن هكذا . . تلك القوى الخفية في الكون لو لم تدعمها لم تكن هكذا .. لقد عشقت المستحيل لتحولهُ إلى ينابيع مجدٍ وطموحٍ يانع بعناقيد الدهشة من قبل الآخرين ، هو إبن الجيران ينظرُ إليها بدهشة غير متفانية يودُ لو يمازحها أن يقترب من تلك الطاقة الحلوة ، يمسَ خصلات الضوء في شعرها الشمس ، في قلبها المحيط ، في عينيها الكون يبحرُ لغزاً
حقاً إنها تستحق الكتابة أن تُكتبَ عنها الروايات والأساطير بالتأكيد إنها الأسطورة الأروع والألمع في تاريخ البشرية ضوءٌ يتراءى لهُ من بين الغيوم يتوقُ لملامسته حبذا ويا حبذا .. تَشعُرُ هي بتوقهِ ورغبته الجامحة ، تُشفقُ عليه دون أدنى شعورٍ بالشهوة ، فقط إنسانية تغزوها كما الضياء الغزيرة ، تعطفُ تحنوُّ عليه كالشمس الحلوة تداعبُ أهدابهُ تمسحُ على شعرهِ بكلتا كفيها تترقرقُ أشعتها على خلاياه يغدو ظبياً مسالماً بين يديها ومستسلماً لما بين ذراعيها 
يقومُ هو من الفرح بمعانقتها والقيام بعدةِ حركاتٍ مبهرة مع هذه الشمس الحلوة إنها الأمل والجمال والكونُ بين يديه يسطعُ و يفيض بجموح ، إنَّها الفرح و رمز الخير في هذا الزمان لا يصدقُ أنها بين يديه وكفيه تُلامسُ حضنهُ ، هي لا تدري إنما كانت تسايرُ تَعَطُشَهُ ، ربما كان جريئاً في لمسها وربما بادرها الشك ولو قليلاً بنسبة واحدٍ بالمئة أنهُ ربما يستغلها بشهوة مهما كان ذَكَرْ وهي بين يديه قال لها : أنتِ حلوة ، نَغِشة وباسمة 
قالت لهُ : أتُدركُ هذا حقاً ، الآن اللحظة في روحي ومبسمي؟!
بيدَ أني الآن لستُ في كامل ضيائي وأناقتي !
قال لها متذكراً زوجتهُ العابسة في مخيلته في عقله الباطن ألتصق عُبُوسها 
مؤكِداً لها :
- بل أنتِ كذلك .
سُعِدَت الفتاة بتلك الجملة وشَعَرت بمدى استيائه من زوجته ورغبته فيها أن يكون بجانبها ، تملصت من بين يديه المتشبثتين وقلبه المتلهف الراغب بالمزيد وراحت كالشُعلة ترتسمُ على الجدران .. رويداً رويداً تختفي أمام ناظريه في الزوايا الدقيقة للمساء تتراقص ، إذ بها تختفي بعد إبهارهِ بفنون الرقص والباليه في مناطق وأماكن تدعو للدهشة ، ليس بمقدور أحدٍ القيام بتلك الحركات الغريبة المدهشة ، كانت الصعابُ قد خمرتها حولتها إلى خمرٍ مُعتَق ، نبيذٍ فردوسيٍّ يصعبُ نسيانه عند رؤية الآخرين له .
إنها الأمل وجذوة القوة الإلهية في أعماقها تتقِدُ باستمرار مهيب .
ذاتَ مساء طلبت من والدتها أن تمسحَ على جبينها ، فقط أن تمسح فهي بحاجة لهذا الشعور !؟ بهدوء والدتها من غير استغراب نعتتها بالمتهورة والمشاغبة ونظرة توحي إليها أنها غير متوازنة وإشعارها بالخلل و النقص المطلق ، إنَّها بحاجة إلى الدعم الإلهي من خلال طاقة الأمومة التي كانت تواجهها دوماً بالاستغراب لحال طفلتها المريضة دوماً هكذا كانت تشعر وتحس الأم بالأمر بعيداً عن أنها شابة ناضجة وملونة الطاقات والكُريات الإبداعية تغزو قلبها وعقلها ، كانت تراها مجرد ابنة تغرد خارج السرب لدرجة السماجة وأنها بحاجة إلى علاجٍ ( نظرة غير سوية ) تتذكر أنَّها ما كانت في صباها هكذا أو أنَّ أحداً من أفراد أسرتها كان على شاكلة هذه الفتاة خفيفاً من الضوء يتراءى في كل مكان باتقاد وحلم .
حتماً تؤكدُ الأم أنهُ مسٌ من الشيطان ما ينفكُ قلبها عن القلق أنها ( غير سوية ) لا يفارق الأم هذا الشعور النهم أنَّ ابنتها لا تشبه البقية كانت تنظرُ للأمر ( الكارثة ) بعينٍ كارثية فتطلبُ الأم قُربها وملامسة جبينها ومسحه بحنان الأم يعيد إليها 
الاتزان الذي تفتقده من خلال نظراتها يتراءى كل شيء ..
تتابعُ الأم الشريط اللامرئي للكون كيف يعرضُ بدهشة وحب منجزات ابنتها في الصفحات الأولى للمساء والصباح ، الصحفيون مهتمون جداً بها يرون فيها قدرات خارقة تكتسح الكون كَتَب عنها ذلك الصحفي والأم تقرأ من الشاشة الكونية عبر الغيوم والتي الفتاة السبب من وراء ذلك ، إذ لا تدري الأم أنَّ منزلها فوق هناك في الخيال الكوني الذي ينضجُ مع الفتاة ، الأم غير مدركة أنَّ الفتاة قد وضعتها بين الغيوم ، وبنت لها منزلاً لكن وعي الأم لا يحتمل ذلك فتعيش الدراما وتتخيل أنها على الأرض وترفض الفكرة البتة من عقلها الباطن تنسفه ، إذ أنَّ منزلهم مغمورٌ بالضياء والعصافير ولكنها لا تدركه لا تنظر للأمر كالنعمة ، بل تعيشُ بجوٍّ روتينيٍّ بحت ، ترى نفسها روتينية بين الناس تعيش ، تشبههم جداً جداً حدَّ الملل وأنها براء من إبنتها التي أصابتها لعنة الشياطين ! !
ربما التي لم تنضج بعد ! !
أهيَ صغيرة حقاً !؟ أم أنَّها ستبقى للمشيب خفيفةً كما الريح كما الهواء تتلاعب بأغصان الشجر والورد ، تحومُ في هذا الكون دون أن تُعقل وتجلس بجانب النسوة يتحدثنَّ بنهمٍ وحسدٍ عن الآخرين يرون إنجاز الأفراد من حولهنَّ تهديداً لبقائهنَّ ، فينعتونهم بالغباء والخلل العقلي وعدم الإستواء العاطفي . . هكذا كانت الأم تقليدية تتمنى لإبنتها حياةً داخل السرب لا تغريداً فاضحاً بالنسبة لمن حولهم ، مجرد ألا تتشابه وإياهم ( ياللعار ) ! ! المصيبة التي لا دواء لها ! !كيف ستُشفى الإبنة من اللعنة التي قد أصابتها من داء التميز والتفرد بالمَلَكات والمواهب . . ينبغي أن تكون كائناً بشرياً كتلك النسوة وهو أن تكون كتلة من اللحم تكسو العظام تتحرك كالآلة للقيام بالواجبات فقط ( للواجب والعمل فقط ) كما البقية ، لا استمتاع ولا إبهار ولاهم يحزنون . . يالَ طفلتها الشقيِّة دائماً تتحسرُ عليها ، عيناها دامعتان تترقبُ بحرصٍ وخطر صحتها النفسية والجسدية وكأنَّها تَزِنُ دجاجة في ميزان الخطر والكيلوات ، في مراقبةٍ دائمة هل إزداد وزنُها أم نَقُص ، هكذا كانت تفسرُ الفتاة نظرة أمها المُرتَقَبة والمُحتَمة دوماً ، التي حكمت عليها بمنظارها أن تكون دجاجة مثل البقية . . تتشابهُ وإياهم ..
بيدَ أنَّها رفضت أن تذهب معهنَّ اللقُن وأن تلتقطَ الحَبَّ من الأرض ، وأن يكون لها منقارٌ يلتقط ذلك  الحَبْ . . إذاً لِنعُدْ لما كتبهُ وقالهُ الصحفي عنها ذاتَ مرة عندما كانت الأم تنظرُ إلى الشريط السماوي الكوني للأخبار التي تخصُ إبنتها المتميزة كما يدعون ، إذ أنَّ أخبارها تُذاعُ هناك في السماء وليس الأرض عكس البقية يالحُزن الأم طبعاً 
يقولُ عنها : 
- كم فريدة مبدعة وطاقات خارقة تغزوها !
مع صورة لإبنتها يُعرض هذا على الشاشة مما يُشعِرُها بالمزيد من الخوف ، إنَّها للمرة الثانية التي تنظرُ لإبنتها بعدَ أن ألتصق هذا الشريط الإخباريُّ في السماء مُرافقاً لمقولة ذلك الصحفي : فريدة في نوعها خارقة للقدرات ! 
تتمعنُ الأم رأس إبنتها تقترب تُنَقبُ عن الدماغ بناظريها ! ! إنَّها تخشى دماغ إبنتها جداً يالَلْخَطَر . . يالَلْخَطَر . . ! ! إنها لا تُشبههم البتة ! ! وخارج السرب تُغرد وتُغرد
الكاتبة الروائية 
أمل شيخموس☁️☁️☁️

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

خواطر أدبية

خلف الجدار

خواطر أدبية. . . خيوط الشمس